هذه الأقسام ما تكون مناسبته جلية، ومنه ما تكون خفية، ولا شك أن الجلية أولى من الخفية، وقد عرفت فيما سبق ما معنى الجلية وما معنى الخفية.

وأما المناسبات التي تقع في محل الحاجة، فكل ما كان مسيس الحاجة إليه أكثر فهو أولى من الذى ليس كذلك، وكذا ما يقع في محل الزينة والتتمة فكل ما كان مقصود الباب فيه أكثر وأتم فهو أولى، هذا كله في ترجيح المناسبات بعضها على بعض بحسب ذواتها وماهياتها.

وقد ترجح بأمور خارجية عنها: نحو أن المناسبة المتأيدة بغيرها من الطرق نحو الإيماء والدوران والسبر والمؤثر راجحة على ما لا تكون كذلك وهو راجع إلى الترجيح بمثرة الأدلة، وكالمناسبة الخالية عن المعارض راجحة على التي ليست كذلك إن قلنا المناسبة لا تبطل بالمعارضة، وكالمناسبة التي تناسب الحكم من جهتين راجحة على التي ليست كذلك بل تناسبه من جهة واحدة فعلى هذا كلما كانت الجهات أكثر كانت أرجح، وكالمناسبة الغير المتخصصة راجحة على المتخصصة وكل ما كان التخصيص أقل كان أولى.

وعاشرها. إذا كأن طريق إحدى العلتين السبر، والأخرى الدوران، فما كان طريقه السبر أولى، لإفادته تعين العلة ونفى المعارض وهو راجح على بقية الطرق، والظاهر أن الدوران راجح على المؤثر والشبه، ولا شك في رجحانه على الطرد وفى المؤثر والشبه نظر وهما راجحان على الطرد قطعًا.

وحادي عشرها: أن يكون نفى الفارق بين الأصل والفرع مقطوعا به في إحدى القياسين، وفى الآخر مظنونا، فما قطع فيه بنفي الفارق فهو أولى لكونه قياسًا إحدى مقدماته قطعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015