والحظر لو حصلت الإباحة لكان ذلك قولا بتساقطهما، وإثبات الحكم لم يدل عليه دليلاً أصلاً.
وهذا ضعيف، لأنه بناء على ما سبق وقد عرفت ضعفه وأجيب عن قوله: لم لا يجوز أن يكون في التساقط حكمة خفية: بأن المقصود من وضع الأمارة أن يتوصل به إلى المدلول، فإذا كان هو في ذاته بحيث يمنع التوصل به إلى الحكم كان خاليا عن المقصود الأصلي منه، ولا معنى للعبث إلا ذلك.
وهذا بخلاف التعارض الذهني، فإنه لما كان بحيث يمكن التوصل إلى رجحان إحدى الأمارتين لم يكن واضعهما عابثا بل غايته أنا لقصورنا وتقصيرنا ما انتفعنا به.
وبه خرج الجواب أيضا عن الأخير، ويخصه أن ذلك للضرورة فإنه لا طريق للعامي سواه إذ ذاك لجهله بطريق التراجيح، وإذا عرفت ضعف بعض هذه الأجوبة عرفت توجه الاعتراض على الدليل فيكون الدليل مقدوحًا. وثانيها: أن لله تعالى في كل واقعة حكما واحدًا على ما سيأتي تقريره، والخصم مساعد عليه أيضا، فلو تعادلت الأمارتان الدالتان على النفي والإثبات لزم من ذلك التضليل والحيرة في إصابة الحق وهو ممتنع على الشارع الحكيم، فإن الحكيم إذا كان له طريقان في تحصيل الغرض سلك أفضاهما إلى حصول الغرض، ولا شك أن نصب الأمارة الراجحة أفضى إلى إصابة الحق.
وجوابه: أنا وأن سلمنا أن الحكم في الواقعة واحد، لكن لا نسلم أنه يلزم منه امتناع تعادل الأمارتين.
قوله: يلزم منه التضليل والحيرة في إصابة الحق.