بالقياس بل بالنقل المتواتر، ولأنه أصل الشريعة من غير جهة المعجزة أيضًا؛ إذ أصول الأحكام والأركان مذكورة فيه فيجب أن يكون مقطوعًا به من هذا الوجه أيضًا.
والمراد من هذا القياس قياس المعنى.
وأما قياس الدلالة فلا يمتنع إجراؤه فيه لكن لا يفيد القطع، وذلك كاستدلال أصحابنا في أن التسمية آية من آية القرآن: بأنها مكتوبة بخط المصحف في أوائل السور من غير نكير، بل النكير حذفها عنها مع أنهم كانوا يجردون المصاحف عما ليس منه كالتأمين حتى عن الأعشار، والنقط، وذلك إن لم يفدنا القطع بكونها من القرآن فلا أقل من أن يفيد الظن الغالب بكونها منه، والمسألة لقوة الشبهة فيها من الجانبين منعت من حصول القطع فيها، وكذلك منعت من التكفير من الجانبين.
وثانيها: أن يكون الحكم مما يراد فيه القطع لا الظن، والقياس المستعمل في إثباته لا يفيده، بأن لم تكن مقدماته قطيعة كأكثر المباحث الكلامية، كما يقال: الفعل في الشاهد لا لغرض، أو لغرض الإيلام عيب قبيح فوجب أن يكون في الغائب كذلك، والجامع كون الفاعل فاعلاً بالاختيار، ويلزم من هذا أن لا يكون الله تعالى فاعلاً للكفر والمعاصي، إذ ليس له في خلقه غرض لا بالنسبة إلى ما يرجع إليه سبحنه وتعالى، ولا بالنسبة إلى العبد؛ لأنه ليس له في ذلك مصلحة، ولا يقع لا عاجلاً ولا آجلاً بل محض المضرة والإيلام، وذلك لا يصلح أن يكون غرضًا، ويلزم من هذا أن لا يكون خالقًا لأفعال العباد، ولأن تكون أفعاله معللة بالمصالح ويلزم أن يتطرق