وهذا لأن الاستفهام طلب القيم، وهو عند حصوله أو سبب حصوله باطل؛ أما الأول فظاهر، وأما الثاني: فلأن وجود سببه يدل ظاهرًا على وجوده وطلبه إذ ذاك طلب الحاصل، وهو ممتنع، وبتقدير أن لا يكون الفهم حاصلاً فإنه يكون من تقصيره، أو لعدم قابليته، وإلا لم يكن ذلك البيان كافيًا وعلى التقديرين ليس له الاستفهام إذ لا يزيل ذلك بيانه الثاني وإلا فبيانه الأول أزال ذلك لكونه مثله في كونه بيانًا له.
وهذا السؤال متجه، وإن كان بعض المتأخرين من الجدليين أنكره؛ لأن التصديق فرع التصور، فلو لم يكن معنى اللفظ معلومًا عنده لم يمكنه منع دلالة الدليل على المتنازع فيه، ولا نسلمهما؛ لأن المنع أو التسليم عن عماية باطل، ومن هذا نعرف أن هذا السؤال [مقدم] بالرتبة على غيره من/ (236/ أ) الأسئلة فلا جرم استحق التقديم وضعًا.
وصيغته: "ما" وما يجرى مجراه في السؤال عن التصور عن مدلول اللفظ نحو قولك: إيش تعنى من هذا اللفظ؟، أو هل المراد منه هذا وذاك؟
فإن قلت: ينبغي أن لا يقبل هذا السؤال؛ لأن اللفظ لا يخلو إما أن لا يكون فيه الإجمال، أو يكون، وعلى التقديرين يجب أن لا يقبل أما إن كان الواقع هو الأول؛ فلأن السؤال حينئذ يكون باطلاً لما سبق، ولأن طلب التفسير مع أن اللفظ مفسر نوع من العناد فكان باطلاً.