أنه جعل الجاهل مستحقًا للإكرام، والعالم مستحقًا للإهانة في الجملة، أو لأنه فهم منه أنه جعل الجاهل مستحقًا للإكرام لجهله، وجعل العالم مستحقًا للإهانة لعلمه، والأول باطل؛ لأن ذلك لا يقتضى الاستقباح؛ إذ الجاهل قد يستحق الإكرام لنسبه وكرمه وشجاعته، والعالم قد يستحق الإهانة لفسقه وبخله وخيانته فيتعين الأول، وذلك يدل على أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية، وإن لم يكن الوصف مناسبًا للحكم، إذ الجهل لا يناسب الإكرام مع أنه فهم من هذا الكلام العلية، ولذلك استقبح وإلا لم يكن للاستقباح معنى، وإذا فهمت العلية منه في هذه الصورة [وجب أن يكون حقيقة فيها لما سبق غير مرة وإذا كان حقيقة فيها] وجب أن لا يكون حقيقة في غيرها وإلا لزم الاشتراك في هذا النوع من التركيب وأنه خلاف الأصل، وفي التزام التجوز في غيرها تسليم للمقصود، ولأنه لا قائل بالفصل بين صورة وصورة.

لا يقال: الاستقباح إنما هو لأجل أنه أثبت الحكم مع المانع له؛ فإن الجهل مانع من الإكرام، فإثبات الإكرام معه إثبات للحكم مع المانع له وأنه قبيح؛ لأنا لا نسلم أن الجهل مانع منه إذ المانع من الشيء هو الذي لا يحسن التصريح بالجمع بينه وبين ما هو مانع له، وليس الجهل مع الإكرام للجاهل بهذه المناسبة؛ لأنه لو قال: أكرم الجاهل لشجاعته، أو لكرمه فإنه لا يقبح ذلك ولو كان مانعًا له مطلقًا لما حسن ذلك.

وثالثها: أنه يفهم السببية من مثل قوله- عليه السلام -: (من مس ذكره فليتوضأ) وإن لم يناسب الوصف الحكم ووجود المشروط بدون الشرط محال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015