تمضمضت بماء ثم مججته كنت شاربه) تنبيهًا على الوصف المشترك بين المضمضة والقبلة وهو عدم حصول المقصود منهما وهو يصلح أن يكون علة؛ إذ لا يشترط المناسبة في الوصف المومئ إليه على ما سيأتي ذلك على ما شاهد عليه هذا القائل فإنه اختار أنه لا يشترط المناسبة في إيماء غير ذكر الجامع الوصف المناسب، وبتقدير اشتراطها فإنه لا يشترط ظهور الحكمة بل يكفى في ذلك أن يكون الوصف مظنة لذلك، وما ذكر من الجامع كذلك فيصلح أن يكون علة فيكون من قبيل ما نحن فيه.
وقوله للخثعمية حين سألته عن حجها لأبيها: "أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان يجزئ عنه؟ فقالت: نعم فقال - عليه السلام -: فدين الله أحق بالقضاء" فأجاب عن الواقعتين المسئولتين بتقرير الحكم في نظيرتهما على وجه الشبه بذكر وصف مشترك بينهما وهو عدم حصول ما هو المطلوب من المقدمتين وكون كل واحد منهما دينا، ولو لم يفد هذا الكلام علية المشترك لما حصل الجواب عن المسؤول بهذا الكلام فيلزم أن يقال: إنه- عليه السلام- ما أجاب عن السؤال وأخر البيان عن وقت الحاجة واشتغل بالعبث؛ إذ الاشتغال بالكلام الخالي عن الفائدة عبث وكل ذلك غير لائق بآحاد العقلاء فكيف بالنبي- عليه السلام -.
النوع الرابع: أن يفرق الشارع بين الشيئين في الحكم بذكر صفة، وذلك يفيد أن تلك الصفة علة التفرقة؛ إذ التفرقة لا بد لها من علة إذ لو لم تكن تلك الصفة علة التفرقة لم يكن لذكرها إذ ذاك فائدة بل فيه مفسدة وهو إيهام ما ليس بعلة علة/ (169 / أ).