هذا النوع إلى النوع الأول في أصل الدلالة، لكنه أضعف منه في الدلالة؛ لما أن الفاء وإعادة السؤال مقدر فيه، والمقدر وإن ساوى المحقق في أصل الثبوت لكنه لا يساويه في القوة، وما وقع من هذا النوع في كلام الراوي فهو حجة أيضًا؛ لأن معرفة كون الكلام المذكور بعد السؤال جوابًا عنه، أو ليس بجواب عنه أمر سهل لا يحتاج فيه الى تدقيق النظر، والظاهر من حال الراوي العدل لاسيما الخبير بهذا الشأن بأن لا يجزم بكونه جوابًا إلا ويكون قد عرف ذلك معرفة لا يرتاب فيها.

النوع الثالث: أن يذكر الشارع مع الحكم [وصفًا] لو لم يكن الحكم معللًا به لما كان في ذكره فائدة وهو يفيد ظن العلية؛ لأنه لو لم يكن علة الحكم لكان ذكره عبثًا لا فائدة فيه، وذلك مما لا يوجد في كلام العقلاء إلا على سبيل الندور إن وجد، ويعد ذلك سقطًا من الكلام فكيف يوجد ذلك في كلام الله تعالى وكلام رسوله؟ فيغلب على الظن عليته وهو على أقسام:

أحدها: أن يذكر الحكم لدفع إشكال يرد على حكمه في محل آخر ويردفه بوصف فيغلب على الظن أن ذلك الوصف علة ذلك الحكم كما روى أنه- عليه السلام- امتنع من الدخول على قوم عندهم كلب فقيل له: إنك تدخل على بني فلأن وعندهم هرة، فقال- عليه السلام-: (إنها ليست بنجسة إنها من الطوافين عليكم أو الطوافات) فلو لم يكن لكونها من الطوافين أثر في الطهارة لم يكن في ذكره عقيب الحكم بطهارتها فائدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015