فإذا لم يكونا قطعيتين استحال حصول القطع بالنتيجة، وعند حصول القطع بهاتين المقدمتين يحصل القطع بالنتيجة؛ لأن المعنى من حصول العلة بتمامها أن لك ما لا بد منه في ثبوت الحكم بتلك العلة حاصل فلو لم يحصل القطع بثبوت الحكم في تلك الصورة لكان ذلك لاحتمال تخلف الحكم عنها في تلك الصورة لكن ذلك باطل؛ لأن ذلك يقتضي ترجيح أحد الجائزين على الآخر من غير مرجح وهو ممتنع؛ لأن استلزام تلك العلة للحكم في الأصل دون الفرع مع أنه لم يختلف حالهما في الصورتين لا بحسب انضمام شيء إليه، ولا بحسب زوال شيء عنه ترجيح أحد الجائزين على الآخر من غير مرجح لكن حصول القطع بهاتين المقدمتين أمر صعب؛ لأنا وإن بينا أن الحاصل في الفرع مثل الحاصل في الاصل لكن المثلان لابد وأن يتغايرا بالتعين والهوية وإلا فهذا غير ذاك، وذاك غير [هذا] فيكون كل واحد منهما غير الأخر فالاثنان واحد هذا خلف، وإذا حصل التغاير بالتعين والهوية فلعل ذلك التعين في أحد الجانبين جزء العلة أو شرط العلة، وفي الجانب الآخر يكون مانعًا من العلية ومع هذا الاحتمال لا يحصل القطع بحصول تمام العلة في الفرع على التفسير المذكور، نعم لو قامت الدلالة القاطعة على أن ما به الامتياز لا مدخل له في اقتضاء العلة للحكم حصل القطع بثبوت الحكم لكن لا يكاد يوجد ذلك في العقليات الحقيقية التي لا تختلف باختلاف تفسير اللفظ، نحو قول القائل: العالم في الشاهد من له العلم فكذا في الغائب؛ لأنا لا نعني بالعالم إلا من له العلم، ومعلوم أن هذا لا يختلف موجبه بحسب الواجب والممكن.

ثم القائلون به ذكروا في تعيين العلة طرقًا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015