"الفصل الثالث عشر"
في المجاز
وفيه مسائل:
المسألة الأولى
في بيانه ومعناه بحسب اللغة
أما بناؤه فهو أنه "مفعل" من الجواز، وهو في اللغة عبارة عن التعدي والعبور. يقال: جزت مكان كذا، أي: عبرته.
والجواز بمعنى الإمكان مجاز من هذا المعنى، لأن الممكن لما شابه المنتقل من مكان إلى مكان في كونه منتقلا من حال إلى حال سمي جائزا وسمي الإمكان جوازا.
فاللفظ المستعمل في غير ما وضع له إنما يسمى مجازا، لكونه مشابها للمتعدي عن المكان في كونه منتقلا عن موضعه الأصلي، وإلا فحقيقة التعدي والعبور غير متصورة في الألفاظ، ولا في جميع الأعراض هذا إذا كان المجاز مأخوذا من "الجواز" الذي [هو] بمعنى العبور. أما إذا كان مأخوذا من "الجواز" الذي بمعنى الإمكان، فاللفظ حقيقة فيه، نظرا إلى حصول هذا المعنى فيه، لأن الإمكان غير مختص بالأجسام، بل هو حاصل فيها وفي الأعراض، لكنه مجاز من حيث إنه مأخوذ من المجاز، فإن المأخوذ من المجاز مجاز، لكن على التقدير الأول يكون مجازا بالذات، وعلى الثاني