وأجيب عنه بوجهين آخرين:
أحدهما: وأنا وإن سلمنا أنه حقيقة فيه أيضًا لكنه مشترك بينهما بالاشتراك اللفظي، والمحدود إنما هو القياس بمعنى الطرد دون العكس، فلا يضر الحد كونه غير جامع لقياس العكس.
وثانيهما: وهو ما ذكره الإمام: أن القياس الذي سميتموه "بقياس العكس" فهو في الحقيقة تمسك بنظم التلازم، وإثبات لإحدى مقدمتي التلازم بالقياس.
فإنا نقول: لو لم يكن الصوم شرطًا لصحة الاعتكاف لم يصر شرطًا لها بالنذر لكنه يصير شرطًا لها بالنذر فهو شرط لها مطلقًا "فهذا تمسك بنظم التلازم، واللازم على انتفاء الملزوم/ (120/ أ) ثم إنا نثبت الملازمة بالقياس بأن نقول: أن ما لا يكون شرطًا لصحة الاعتكاف في نفسه لا يكون شرطًا لها بالنذر كما في الصلاة، ولا شك في أن هذا قياس الطرد، لا قياس العكس.
وكذا قياس التلازم أيضًا قياس الطرد غايته أنه على تقدير تحقق الملزوم فلم يكن قياس العكس خارجًا عن الحد.
واعلم أنه ليس في حد أبي الحسين ما يقدح فيه سوى أنه ذكر فيه لفظ الأصل والفرع وقد عرفت ما فيه، وأنه جعله عبارة عن تحصيل حكم الأصل في الفرع وهو محال، فإن حكم الأصل لا يمكن تحصيل عينه في الفرع بل الممكن تحصيل مثله فإذا أزيل عنه ذلك بقي الحد سليمًا عن القوادح.
فالأولى أن يورد هكذا أنه: "تحصيل مثل حكم معلوم لمعلوم آخر لاشتباههما في علة الحكم عند المثبت" وعند هذا لا يبقى فيه خلل ألبتة