وإنما ذكر لفظ "المعلوم" ليتناول الموجود والمعدوم ممكنًا كان أو ممتنعًا، فإن القياس يجرى فيهما جميعًا.
ولو ذكر لفظ "الشيء" لاختص بالموجود على رأينا وعلى رأي المعتزلة، وإن تناول المعدوم لكن المعدوم الممكن دون الممتنع فيخرج الفرع الممتنع عنه فلم يكن الحد حينئذ جامعًا، فأما المعلوم فإنه يتناول الموجود والمعدوم الممكن والممتنع عند الكل فكان الحد جامعًا.
ولو ذكر لفظ "الفرع والأصل" لكان يوهم اختصاصه بالموجود والتعبير عنهما بالمعلومين أبعد عن الوهم الفاسد.
وإنما احتاج إلى ذكر معلوم آخر؛ لأن القياس عبارة عن التقدير والمساواة، وذلك لا يعقل إلا بين أمرين، ولأنه لولا المعلوم الثاني الذي هو الأصل لكان إثبات الحكم في المعدوم الأول الذي هو الفرع تحكمًا محضًا.
وإنما قال: في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما ليتناول الحكم الوجودي والعدمي، فإن الحكم المثبت بالقياس قد يكون وجوديًا، وقد يكون عدميًا.
وإنما قال: بأمر جامع؛ لأن القياس لا يتم بدونه؛ فإنه لو لم يكن بين الأصل والفرع جامع لم يكن حمل الفرع عليه أولى من حمله على أصل آخر مضاد له في/ (118/ أ) الحكم أو موافق له فحينئذ يلزم أن يكون حمله على أي أصل فرض تحكمًا محضًا.