وهذا المفهوم وإن كان غير مستفاد بحسب الوضع اللغوي، لكنه مستفاد منه بحسب الاصطلاح العرفي من حيث إن العادة جارية بأن الثقة لا يجيز لغيره أن يروي إلا ما سمعه وإذا كان كذلك وجب أن يجوز كما إذا قال: سمعت الكتاب الفلاني فاروه عني فإن ذلك جائز وفاقا فكذا هذا. ولقائل أن يقول: فالإجازة العامة من غير تعيين ما أجازه حينئذ ينبغي أن لا تصح؛ لأن قوله: أجزت لك أن تروي عني كل ما صح عندك أنه من مسموعاتي [جار مجرى قوله: سمعت كل ما صح عندك أنه من مسموعاتي] فاروه عني، وهذا لا يصح قبل العلم بذلك الذي صح عنده؛ لأنه جوز أن يصح عنده ما ليس بمسموع له أنه مسموع له فحينئذ يلزم إما كذبه فيما أخبره من أنه سمع كل ما صح عنده أنه سمع، أو يلزم أن ما ليس بمسموع له مسموع له وكلاهما باطلان.

ويمكن أن يجاب عنه: بأن ما ذكرتم من الاحتمال وإن كان قائمًا فيه لكن مع ذلك يمكن أن يقال: إنه يجوز بناء على الظاهر، فإن الظاهر أنه لا يصح عند ما ليس بمسموع له أنه مسموع له، وقد يصح الشيء بناء على الاحتمال الظاهر، ولا يقدح فيه الاحتمال المرجوح.

واحتج المانعون بوجوه:

أحدها: أنه لو جازت الرواية بالإجازة لبطلت فائدة الرحلة، والتالي باطل فالمقدم مثله.

وجوابه: منع الملازمة؛ وهذا فإن ما يستفاد من الرحلة من تحدث الشيخ بالحديث، ومن القراءة عليه، واعترافه أن الأمر كما قرئ عليه غير مستفاد من الإجازة.

وثانيها: أنه لا معنى لإجازة الشيخ للرواية عنه؛ لأن الرواية عنه ليست

طور بواسطة نورين ميديا © 2015