عندهم فعلى هذا لو قطع في مائة حديث مثلًا بأن واحدًا منها سمعه من غير الشيخ الذي سمع الباقي منه، لكنه لم يعرفه بعينه فإنه لا يجوز له رواية شيء منها مسندًا لا إلى شيخ الأكثر ولا إلى شيخ ذلك الواحد؛ لأنه ما من واحد منها إلا يحتمل أن يكون سمعه من شيخ الأكثر أو من شيخ ذلك الواحد فلا يجوز أن يسنده إلى واحد بعينه.
ومنهم من جوز الرواية بغلبة الظن والعمل به؛ لأن الاعتماد في هذا الباب إنما هو على غلبة الظن؛ ولهذا فإن الناس كانوا يعملون بكتب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في أمور الصدقات وغيرها المبعوثة على يد آحاد الصحابة مع أن ما فيه مما لم يسمعه الحامل والمحمول [إليه وما ذاك إلا لحصول غلبة الظن بصدقه، وفي هذه الدلالة] نظر، أما أولًا: فلأنا لا نسلم أن الحامل ما كان سمع ما في الكتاب.
سلمناه لكن يعلم قطعًا أن فيه كلامه فإذا أخبر هو للمحمول إليه بأنه كلام الرسول كان ذلك كسماع ما فيه فلا يكون العمل مجرد ظن السماع بل بالقطع بتحقق ما يجرى مجرى السماع.
وإن كان مظنونا صدقه كما إذا سمع من الشيخ فإنه يقطع بالسماع وإن كان كون صادقًا فيه مظنونا.
وأما ثانيًا: فلأن الدعوى عامة والدليل خاص إذ لا يدل ذلك على جواز الرواية والعمل به معًا بل لو دل فإنما يدل على الثاني دون الأول.
المرتبة السابعة: الإجازة:
وهي أن يقول: "أجزت لك أن تروي عني الكتاب الفلاني، أو كل ما صح عندك أنه من مسموعاتي".