وكذا الخلاف فيما إذا قال القارئ للشيخ بعد قراءة الحديث عليه: "أرويه عنك؟ فقال: نعم؛ فإن المتكلمين لم يجوزوا الرواية ها هنا أيضًا ولا يخفى أن الخلاف فيه أبعد من الأول.
احتج الجماهير: بأنه حصل للقارئ غلبة الظن بأن ما قرأه على الشيخ كلام الرسول؛ إذ الكلام مفروض فيه فوجب أن يجب عليه العمل كما لو حدثه هو بذلك، ويجوز له الرواية بقوله: أخبرنا قراءة عليه؛ لأن الإخبار وإن كان حقيقة فيما يفيد الخبر من الألفاظ المسموعة على ما تقدم بيانه في أول هذا الباب وهو غير حاصل فيما نحن فيه، لكن لا نشك في أنه يصح استعماله على وجه التجوز فيما يفيد الخبر والعلم من غير الألفاظ على ما تقدم شواهده من الاستعمال، فإذا قال قرأت عليه صار هذا قرينة لفظية دالة على إرادة المجاز من قوله أخبرني وحدثني فوجب أن تصح روايته بهذا اللفظ؛ لأنه صادق في ذلك لأنه حاصل فيما نحن فيه إذ السكوت أفاده ذلك.
وبهذا يعرف أنه لا يصح أن يقتصر على قوله أخبرني وحدثني، لأنه حينئذ يكون كاذبًا فيه لأنه ما أخبره ولا حدثه بلفظ.
وما يقال: من أن الإخبار في أصل اللغة لإفادة الخبر والعلم وهو حاصل فيما نحن فيه؛ ضرورة أن السكوت أفاده ذلك فممنوع؛ لما تقدم أن الخبر حقيقة في القول المخصوص.
فإن قلت: هب أنه حقيقة في القول المخصوص لكن لم لا يجوز أن يقال: إنه نقل إلى ما يفيد الخبر والعلم سواء كان لفظًا أو لم يكن، أو أنه استعمل