ما حكاه ليس لفظ الرسول الذي فيه الحجة بل هو حكاية عنه، واختلاف مذاهب الناس في صيغ الأوامر والنواهي مشهور، فلعله ظن ما ليس بأمر ونهى أمرًا ونهيًا فحكى ما حكى، ومع هذا فالأكثرون على أنه حجة خلافًا لداود الظاهري وبعض المتكلمين.
والصحيح ما عليه الأكثرون؛ لأن الظاهر من حال الصحابي مع عدالته ومعرفته بأوضاع اللغة أن لا يطلق هذه اللفظة إلا إذا تيقن أن ما صدر منه من الصيغة أمر ونهى من غير خلاف، أو وإن صدر منه صيغة مختلف فيها لكنه علم مراده عليه السلام منها، لكونه- عليه السلام- ضم إليها ما يفيد أن مراده منها الأمر والنهي، وحينئذ يجب أن تكون حجة.
فإن قلت: لا نسلم أنه لا يطلق تلك اللفظة إلا إذا تيقن كون ما صدر منه- عليه السلام- أمرًا ونهيًا؛ وهذا لأنه يجوز أن يكون قد أطلق ذلك بناء على الظن الغالب.
لا يقال أنه غير جائز لأنه حينئذ يكون الراوي قد أوجب على الناس ما يجوز أن لا يكون واجبًا عليهم، وهو مما ينافيه ظاهر عدالته؛ لأنا لا نسلم أنه أوجب عليهم حينئذ ما يجوز أن لا يكون واجبًا عليهم؛ وهذا لأنه إنما يلزم أن لو كانت هذه الصيغة حجة] فإثبات كون هذه الصيغة حجة [به دور.
قلت: ما علم أنه لا يجب على المجتهد بل لا يجوز أن يتبع ظن مجتهد