الجواب: والذي تعني بقولك: أن عدالة الأصل غير معلومة؟
قلنا: نعني به أنها غير راجحة الوجود في الاعتقاد وهو قدر مشترك بين العلم والظن، وبانتفائه ينتفي العلم والظن.
قوله: ما الذي تعني بقولك: إن الجهل بالذات يستلزم الجهل بالصفة؟
قلنا: نعنى به أن الجهل بالذات من كل الاعتبارات يستلزم الجهل بصفته والعلم بذلك ضروري.
قوله: الجهل بالذات من كل الاعتبارات غير حاصل فيما نحن فيه؛ ضرورة أنه معلوم باعتبار أنه مروي عنه، وإذا كان معلوما باعتبار ما لم يستلزم الجهل بصفته فلم قلتم إن العلم بعدالته غير حاصل؟
قلنا: الجهل بالذات من كل الاعتبارات كان حاصلا من قبل والعلم بذلك جلي لا يمكن إنكاره، ولم يوجد سوى رواية العدل عنه، فهو معلوم باعتبار أنه مروي عنه لا غير، لكن هذا الاعتبار لا يدل على العدالة ولا يشعر بها؛ إذ العدل قد يروى عمن لو سئل عنه توقف فيه أو جرحه، وقد رأيناهم رووا عمن إذا سئلوا عنه عدلوا مرة، وجرحوه تارة، وقالوا لا ندري / (109/أ) أخرى، فإذن لا تدل الرواية على عدالة المروي عنه.
وأيضا: لو كانت الرواية تدل على عدالة المروي عنه لوجب أن يكون الراوي مكذبا نفسه إذا جرحه وعد مناقضا لما سبق منه كما إذا عدله ثم جرحه، ولما لم يكن كذلك علمنا أن الرواية ليس تعديلا منه، بل الراوي ساكت عن تعديله موكل للبحث في ذلك إلى سامعه، ولا يجعل السكوت عن الجرح تعديلا بناء على أنه لو علم فيه جرحا لجرحه وإلا لكان السكوت عن التعديل جرحا؛ بناء على أنه لو علم فيه العدالة لعدله، ولو سلم أن الرواية عنه تعديل له لكن لا نسلم أن مطلق التعديل مقبول بل لا يقبل التعديل عندنا ما لم يذكر