وثانيها: أن الحكم إذا رتب على إفراد يفيد، ما علية كل واحد منها، أو علية المجموع. وأما أنه يفيد علية كل واحد منها فذلك ما لا إشعار له به ألبته، ولما لم يفد هنا عليه كل واحد منها، وجب أن يفيد علية المجوع كيلا يتعطل عن الإفادة.
وثالثها: أن اسم الإشارة في رجوعه إلى المشار إليه المتقدم ذكره يجري مجرى الضمير في رجوعه إلى ما تقدم ذكره، فكما أن الأصل فيه أن يختص بأقرب المكور إليه، وعند تعذره يعود إلى كل المذكور، فكذا اسم الإشارة يجب عوده إلى الكل، عند تعذر عوده إلى الأقرب.
قلت: الجواب الأول: لا نسلم أن المقصود من الآية ما ذكرتم ولم لا يجوز أن يقال المقصود منهما الاختبار فقط؟ بأنهم أمروا هذه الأشياء وأن الإخلاص منها دين القيمة.
وعن الثاني: أنه إنما يمكنكم الاستدلال بما ذكرتم من القاعدة، أن لو أثبتم أن ذلك يرجع إلى كل ما تقدم ذكره، فإن بتقدير أن يكون راجعا إلى الإخلاص، لم يكن الحكم مرتبا على الأفراد بل على فرد واحد، وهو الإخلاص، والحكم بدين القيمة إنما هو على ذلك، وإذا كان كذلك فالاستدلال بتلك القاعدة، مشروط بكون ذلك يرجع إلى كل ما تقدم، فلو أثبتنا ذلك بتلك القاعدة لزم تقدم الشيء على نفسه وهو محال.
وعن الثالث: أنا لا نسلم، أن الأصل عود الضمير إلى الكل عند تعذر عوده إلى الأخير، وكيف يقال ذلك وعود ضمير المفرد إلى المجموع إنما يكون بطريق الإضمار؟ وهو خلاف الأصل بل يبقى مجملا بالنسبة إلى غير الأخير