وأما الثاني، وهو: أنه لم يصدر عن الباقين في ذلك إنكار، فلأنه لو صدر لنقل، ولو نقل لاشتهر وتواتر، فما لم يكن كذلك علمنا أنه لم يصدر، وأما أنه حينئذ يكون إجماعا فلما تقدم.
فإن قيل: إن ادعيتم العلم الضروري بسبب هذه الروايات فممنوعة.
قال المرتضى: "إن الضرورة لا يختص بها البعض دون البعض، مع المشاركة في طريقها، والمخالفون نحو الإمامية، وشيوخ المعتزلة كالنظام وغيره، منكرون حصول هذا العلم الضروري مع اختلاطهم بأهل الأخبار، ومطالعة كتبهم، ويحلفون على ذلك، بل على عدم الظن بذلك أيضا، فإن كذبتموهم فعلتم ما لا يحسن وعورضتم بمثله، وإن ادعيتم العلم النظري، بالاستدلال بها، فلا نسلم أن الاستدلال بها يفيد ذلك، فإنكم ما بينتم وجه الاستدلال بها حتى / (83/أ) نعلم أنه هل تفيد ذلك أم لا؟
وإن ادعيتم الظن فهذا لو سلم يلزم منه الدور؛ لأن تلك الإخبارات حينئذ تكون أخبار آحاد، فالاستدلال بها على كون أخبار الآحاد حجة، يتوقف على كون أخبار الآحاد حجة، فلو أثبتت حجية أخبار الآحاد بها لزم الدور.
سلمناه، لكن لا نسلم أنهم عملوا بها وهي أخبار آحاد مفيدة للظن فلعلهم عملوا بغيرها من الأدلة نحو النصوص المتواترة، والأقيسة الموافقة لها، يذكرونها عند سماع تلك الإخبارات أو بها وهي متواترة عندهم، ثم فتر نقلها فصارت آحادا عندنا، أو وإن كانت آحادا لكنها كانت تفيد القطع بسبب القرائن المحتفة بها من الحالية، أو المقالية.
سلمناه لكن عمل بها بعضهم أو كلهم.
والأول مسلم، ولا حجة فيه، والثاني ممنوع ولا يمكن دعواه.
قوله: "عمل بها بعضهم وسكت الباقون عن الإنكار فكان حجة".
قلنا: لا نسلم سكوت الباقين عنه.