يحذرون} يقتضي حسن الحذر، وذلك يقتضي جواز العمل بخبر الواحد، وإذا لزم ذلك لزم وجوب العمل به، لئلا يلزم قول ثالث خلاف الإجماع، فإن منهم من يقول بوجوب العمل به، ومنهم من يقول بعدم جواز العمل به، فأما الجواز بلا وجوب فقول لم يقل به أحد.
وأيضا: إن قوله: {لعلهم يحذرون} يقتضي إمكان تحقق الحذر.
والحذر هو: التوقي عن المضرة، والمضرة إما عاجلية، أو آجلية. وليس المراد من الحذر: الحضر عن المرة العاجلية، لأن الفعل الذي يمنع خبر الواحد عنه قد لا يكون مضرا في الدنيا، فيتعين أن يكون المراد منه الحذر عن المضرة الآجلية، وإلا لزم أن لا يكون الحذر ممكنا، لأنه يلزم من انتفاد تحقق المضرة: انتفاء تحقق الحذر، والمضرة الآجلية هي العقاب، وإذا كان الفعل بحال يحذر عنه، فلا بد وأن يكون بحال يترتب العقاب على فعله ولا نعني بقولنا: "خير الواحد حجة" إلا أن الفعل الذي يمنع عنه خبر الواحد يكون فعله سببا للعقاب في الآخرة.
وعن الثاني: أما المنع فمندفع لما تقدم من الدلالة.
قوله: الوجه الأول: منه مبني على أن كل ثلاثة فرقة.
قلنا: نعم.
قوله: الوجه الأول من وجهي الدلالة على أن كل ثلاثة فرقة ليس فيه دلالة، لأنا لا نسلم أن الطائقة من الناس تصدق على الثلاثة.
قلنا: الدليل عليه النقل والاستعمال: أما النقل فقال أئمة اللغة: "الطائفة من الشيء قطعة منه".