أحدها: أن الله تعالى طلب أن ينفر [من] كل فرقة طائفة، والثلاثة فرقة لوجهين:
أحدهما: النقل عن أئمة اللغة، فإنهم قالوا: الفرقة: طائفة من الناس، ومعلوم أن الطائفة من الناس يصدق على الثلاثة.
وثانيهما: أن الفرقة من فرق أو من فرق كالقطعة من قطع أو من قطع والكسرة من كسر أو كسر فكل شيء حصلت الفرقة أو التفريق فيه كان فرقة كما أن كل ما حصل القطع أو التقطيع فيه كان قطعة، وكل ما حصل الكسر أو التكسير فيه كان كسرة، مقتضى هذا أن يكون الواحد والاثنان فرقة؛ لأنه يمكن أن يحصل فيه الفرقة حين يكون مع الآخر، ترك مقتضى هذا في هذه الآية أو مطلقا إن ثبت عنهم أنهم لا يطلقون على الواحد والإثنين فرقة للضرورة، فوجب أن يبقى فيما عداه معمولا به على الأصل، والطائفة من الثلاثة إما واحد أو الإثنان، وقد سبق أن قول الواحد والإثنين لا يفيد العلم فثبت أن المراد من الطائفة هنا قول من لا يفيد قوله العلم.
وثانيها: أن الطائقة قد استعملت فيمن لا يفيد قولهم العلم كالثلاثة والأربعة، وفيمن يفيد قولهم العلم، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بينهما دفعا للاشتراك والتجوز، وهو إما أقل العدد، أو ما هو جزء منه.
وثالثها: أنه لو كان المراد من الطائفة في الآية: العدد الذي يفيد قولهم العلم لوجب على الفرقة التي هم عدد التواتر، أو أزيد منه أن يخرجوا بأسرهم، أو العدد الذي يفيد قولهم العلم، لكن ذلك باطل بالإجماع؛ فإن أحدا من الأمة لم يقل بوجوب خروج أهل القرية بأسرهم للتفقه إذا كان بدونهم لم يحصل عدد التواتر، ولا بوجوب خروج أهل التواتر من بلد كبير إذا كان يكفيهم أن يتفقه لهم واحد أو اثنان.