الألفاظ عربية، لكن لم قلت؟: إنه يلزم منه أن لا يكون كل القرآن عربيا، قوله: ضرورة كون القرآن مشتملا عليها.
قلنا: وإن كان مشتملا عليها: لكنها في غاية القلة والندرة بالنسبة إلى الألفاظ المذكورة في القرآن، والنادر كالمعدوم فلا يقدح وجودها فيه في كونه عربيا، ألا ترى أن الزنجي يوصف بكونه أسود مع بياض عينيه، وأسنانه، ولا يقدح ذلك في إطلاق الأسود عليه، فكذا هنا، وكذا الثور الأسود يسمى به، وإن كان فيه شعرات بيض، ويقال للشعر الفارسي: فارسي، وإن كانت فيه كلمات يسيرة من العربية.
فإن قلت: الدليل عليه أن بعض القرآن حينئذ لا يكون عربيا، وما بعضه ليس بعربي يستحيل أن يكون كله عربيا على سبيل الحقيقة، وأما الإطلاقات المذكورة، فهي على سبيل التجوز بدليل صحة النفي، إذ يصح أن يقال: ما رأيت ثورا كله أسود، وما قرأت شعرا كله فارسي، وما في الوجود زنجي كله أجزائه أسود/ (42/ب).
قلت: فحينئذ لا نسلم أن كل القرآن عربي على سبيل الحقيقة، ولم لا يجوز أن يكون كله عربيا على سبيل التجوز بناء على أن أكثر أجزاه كذلك؟.
فإن قلت: الأصل في الكلام الحقيقة، والنص إنما يكون محمولا على حقيقته إن لو كان القرآن بجميع أجزائه عربيا لما ثبت أن القرآن اسم للكل.
قلت: تعذر حمل النص على حقيقته لاشتمال القرآن على ما ليس بعربي، كالحروف المعجمة في أوائل السور، فإنها ليست من لغتهم في شيء و "كالمشكاة" و "القسطاس".