والاستدلال على العلم به بالطريقة الأخرى فضعيف جدا لا يخفى على كل ذي لب.
وأما الشرائط المختلف فيها فلنذكرها في مسائل:
المسألة السادسة
قد ذكرنا أن من شروطه أن يكون المخبرون عددا لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فهذا القدر متفق عليه، لكن اختلفوا بعد ذلك في أنه هل له عدد معين أم لا؟
فالجماهير على أنه ليس له عدد معين؛ لأنه لا عدد يفرض من ألف أو ألفين [إلا] وغير مستبعد في العقل صدور الكذب منهم، وأنه يتميز بزيادة واحد عن ناقصه في امتناع الكذب عنه، بل المرجع في حصول هذا الشرط وغيره إلى الوجدان، فإن وجد السامع نفسه عالما بما أخبر به على التواتر علم وجود هذا الشرط وغيره، وإلا علم اختلاله، أو اختلال غيره من الشرائط. وعند هذا ظهر أنه يتعذب الاستدلال بالتواتر على من لم يعترف بحصول العلم له؛ ضرورة أنه لا مرجع في حصول شرائطه إلا حصول العلم به فمن لم يحصل له العلم لا يمن الاستدلال به عليه. لكن من هؤلاء الجماهير من قطع في جانب النفي، وإن لم يقطع في جانب الإثبات، وقال، بعدم إفادة عدد معين له وتوقف في بعضه.
قال القاضي أبو بكر - رحمه الله -:"أقطع بأن قول الأربعة لا يفيد العلم ألبتة وأتوقف في الخمسة".