أنه لا داعي للمخبرين إلى الكذب، وأنهم لا يخبرون عن ظن وتخمين بل عن أمر محسوس لا لبس فيه، وأنه متى كان ذلك - استحال أن يكون الخبر كذبا، وإذا بطل يكون كذبا: تعين أن يكون صدقا فكان العلم بما أخبر به أهل التواتر نظريا.
وجوابه: أنا لا نسلم أنه يتوقف على ما ذكرتم من الاستدلال؛ وهذا لأن العلم به حاصل للصبيان والبله مع أنهم لا يقدرون على ترتيب ما ذكرتم من المقدمات على الوجه الذي ذكرتموه، بل قل لا يحصل لهم الشعور بتلك المقدمات أصلا حالة العلم به، ولا بما به تصح تلك المقدمات فلو كان حصوله يتوقف على ما ذكرتم لاستحال حصوله لهم.
فإن قلت: إنها حاصلة لهم على الترتيب وإن لم يشعروا بذلك.
قلت: ما يكون حاصلا ولا يكون مشعورا به يكون بحيث لو نبه عليه لحصل الشعور به، ومن المعلوم أن الصبيان والبله لو نبهوا على تلك المقدمات، وعلى ما به تصح تلك المقدمات، وعلى ترتيبها لما حصل لهم [الشعور] بجمع ذلك، فلا يجوز أن يكون مستفادا منه.
ولا يظن أنه لا يعتبر الشعور بما تصح به تلك المقدمات، فإن عند التنبيه على ما يقدح في تلك المقدمات مع عدم الشعور بما يزيل ذلك لم تبق تلك المقدمات يقينية، فلو كان العلم الحاصل بالتواتر مستفادا منها وجب أن لا يبقى ذلك العلم إذ ذاك يقينيا ولما بقي يقينيا غير مشكك فيه علمنا أنه غير مستفاد منها، نعم ربما يتعرضون لكثرة المخبرين وعدم كذبهم عندما يسألون عن كمية