وقال الغزالي - رحمه الله -:"إن عنى بالضروري ما يكون حاصلا من غير توسط مقدمتين كقولنا الموجود لا يكون معدوما، والقديم لا يكون محدثا فهو غير ضروري؛ لأنه لا بد في حصوله من مقدمتين.

إحداهما: أن هؤلاء المخبرين مع كثرتهم واختلاف أحوالهم، لا يجمعهم على الكذب جامع ولا يتفقون إلا على الصدق.

وثانيهما: أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن الواقعة لكن غاية ما في الباب أنه لا يفقتر إلى ترتيب المقدمتين بلفظ منظوم، ولا إلى الشعور بتوسطهما وإفضائهما إليه.

وإن عنى به ما يكون حاصلا من غير تشكل الواسطة المفضية إليه وإن كانت الواسطة حاضرة في الذهن فهو ضروري.

وذهب المرتضى من الشيعة إلى التوقف.

حجة الجماهير من وجوه: أحدها: أنه لو كان العلم الحاصل عقيب التواتر نظريا - لما حصل لمن لا يكون من أهل النظر: كالصبيان، والبله، والعوام، ولما حصل لهم ذلك علمنا أنه ليس بنظري.

واعترض عليه: بأنا لا نسلم أنه حاصل لمن ليس له أهلية النظر؛ وهذا لأن النظر في ذلك ليس إلا ترتيب العلوم بأحوال المخبرين وهو سهل حاصل للعوام والصبيان المميزين الذين يحصل لهم العلم بالمتوترات؛ ولذلك فإنهم يستنتجون علوما كثيرة من تركيب علوم قد حصل في عقولهم من البديهيات، والمحسوسات، والعرفيات المشهورات، وإنما هم ليسوا أهلا للنظر الذي مقدماته نظرية خفية.

فأما النظر الذي ليس كذلك فلا نسلم أنهم ليسوا أهلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015