يعذر في كذبه، وعدم التأثيم.

وعدم استحقاق الذم على ذلك لا يدل على عدم كذبه، لأن الإثم والذم ليسا على مجرد الكذب بل على الكذب بشرط القصد، ولما لم يحصل الكذب في تلك الصورة لا جرم لم يستحق الإثم والذم.

ومنه يعرف الجواب أيضا عما يقال: إن من أخبر بأن زيدا في الدار مع اعتقاد أنه ليس فيها وكان فيها فإنه لا يوصف بكونه صادقا، ولذلك لا يستحق المدح والثواب على ذلك، فإنما نمنع الأول، ونسلم الثاني لكن لما سبق لا لأنه ليس بصدق.

وثانيها: أن أكثر العمومات والمطلقات مخصصة ومقيدة، فلو كان الكذب عبارة عن الخبر الذي لا يطابق المخبر عنه لزم تطرق الكذب إلى كلام الله تعالى وكلام رسوله وهو ممتنع وفاقا.

وجوابه: أنه إنما يلزم ما ذكرتم لو أريد منه مدلولاته الحقيقية فأما إذا لم يرد منه تلك المدلولات بل أريد منه المدلولات المجازية لم يلزم ذلك؛ ضرورة أنه مطابق بهذا المعنى، وإرادة المعنى المجازي من اللفظ ليس بكذب.

وثالثها: أن الصدق جار مجرى العلم، والكذب جار مجرى الجهل فكما أن بين العلم والجهل واسطة وهو اعتقاد المقلد وجب أن يكون بين الصدق والكذب واسطة وهو ما ليس عن اعتقاد.

وجوابه: أنا لا نسلم أن الصدق جار مجرى العلم، والكذب جار مجرى الجهل، وسنده ظاهر لا يخفى عليك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015