واحترز بقوله: "بنفسه" عن الأمر، فإنه وإن أفاد وجوب الفعل لكن لا بنفسه، بل بواسطة استدعاء الأمر الفعل، لأن ماهية الأمر: استدعاء الفعل لا غير والصيغة لا تدل إلا على هذا القدر. ثم إنها تفيد وجوب الفعل بواسطة ذلك الاستدعاء تحصيلا لمقصود الحكم كما سبق تقريره في بعض مسالك أن الأمر للوجوب، وكذا القول في دلالة النهي على قبح المنهي عنه.
ويمكن أن يقال: إنه احترز بقوله "بنفسه" عن مثل قائم؛ فإنه وإن أفاد نسبة أمر إلى أمر لكن لا بنفسه بل بواسطة الموضوع له، ولا يدفع هذا بأنه خرج بقوله "كلام" ضرورة أنه ليس بكلام فلا حاجة إلى قيد آخر يخرجه، لأن مثل هذه الكلمة عنده كلام فلا يخرج به.
واعترض عليه بوجوه:
أحدها: بالنسبة التقييدية نحو قولك: "الحيوان الناطق" حين لم يجعل الناطق خبرا، فإنه يفيد نسبة أمر إلى أمر مع أنه ليس بخبر، وإن أريد به أنه بحث يحسن معه السكوت، فهو إضمار في الحد وهو غير جائز، وإن صرح به كان الحد صحيحا، والإشكال مندفع.
وثانيها: أنه غير جامع، لأن قولك "السواد. موجود" خبر مع أنه ليس فيه نسبة أمر إلى أمر آخى، إذ الوجود عند أبي الحسين عين الماهية.
لا يقال: إنه لم يقل "نسبة أمر إلى أمر آخر" حتى يرد ذلك بل قال "نسبة أمر إلى أمر"، وأنه أعم مما ذكرتم، لانقسامه إليه، والى نسبة أمر إلى أمر وهو نفسه، لأن نسبة الشيء إلى نفسه غير معقولة فهي تدل على المغايرة لا محالة، وهذا الإشكال مختص بأبي الحسين غير داخل على من لم يقل إن الوجود عين الماهية.