المسألة الثامنة
هل يجوز أن تشترك الأمة في عدم العلم بما لم يكلفوا به؟
اختلفوا/ (49/ أ) فيه: فذهب بعضهم إلى تجويزه محتجين: بأن عدم العلم بذلك الشيء لم يكن خطأ، إذ الخطأ في الشرعيات عبارة عن عدم مصادفة الحكم، أو عدم مصادفة طريقه. وهذا على رأي من يقول المصيب واحد، وأما على رأي المصوبة فبالثاني فقط، وعلى التقديرين لا يتصور الخطأ فيما نحن فيه، ضرورة أنه لا حكم فيه، فلا يلزم من إجماعهم على عدم العلم به إجماعهم على الخطأ فلا تكون أدلة الإجماع نافية له.
وذهب البعض الآخرون إلى عدم تجويزه محتجين: بأنهم لو اجتمعوا عليه لكان عدم العلم به سبيلاً لهم فكان يجب اتباعهم فيه، فيحرم تحصيل العلم به، ضرورة أنه اتباع لغير سبيل المؤمنين، وهو ضعيف، إذ لمانع أن يمنع أن يكون عدم العلم به حينئذ سبيلاً لهم؛ وهذا لأن سبيل القوم ما كان من الأفعال الاختيارية لهم المتداولة فيما بينهم بالاتفاق بدليل أنه المتبادر إلى الفهم، وعدم العلم به ليس سبيلاً لهم على ما ذكرنا من التفسير، ضرورة أنه ليس عدم العلم به من أفعالهم الاختيارية ولو سلم أنه يصدق عليه حينئذ أنه سبيلهم، لكن نقول: أنه غير مراد من الآية كبعض ما هو من سبيلهم على ما تقدم في مسألة أن الإجماع حجة بدليل ما يعلم أن المقصود من وجوب اتباع سبيلهم إنما هو الحث على اتباع سبيلهم والجهل بما لا يحث عليه الشارع فلا يكون ذلك مرادًا من وجوب اتباع سبيلهم.