واحتج المجوزون: بأن الأمة إذا ارتدت لم يكن سبيلهم إذ ذاك سبيل المؤمنين، ولا إجماعهم على الضلالة إجماع الأمة على الضلالة بخروجهم عن أن يكونوا أمة الرسول - عليه السلام - إذ ذاك لما تقدم من أن أمته في عرف الشرع من آمن به وصدقه، وإذا كان كذلك لم تكن هذه الأحاديث ونحوها متناولة لهم حتى تدل على عصمتهم.
وأما بقية أدلة الإجماع فإنما تدل على عصمة المؤمنين ولم يكونوا إذ ذاك مؤمنين، فلا تدل على عصمتهم فتبقى على الجواز الأصلي العقلي، إذ لا نزاع في أن ذلك جائز عليهم عقلاً، وإنما النزاع في جوازه بحسب الشرع فإن من منع فإنما منع لأدلة شرعية، وقد بينا أنه لا دليل على امتناعه شرعًا فوجب أن يبقى على الجواز العقلي.
وجوابه: أنهم كانوا قبل الارتداد مؤمنين، وأمة الرسول، فلو اتفقوا على الارتداد لصدق عليهم أن أمة محمد كلهم اتفقوا على الكفر والضلالة وكذا يصدق أن المؤمنين كلهم اتفقوا على الباطل والكفر وأدلة الإجماع تنفيه.