تنبهوا لمتنه، أو وإن تنبهوا لوجه دلالته أيضًا لكن ربما لم تقع تلك الواقعة إذ ذاك فلم يتعرضوا لحكمها، وعادتهم ما كانت جارية بالتفريع وتقرير حكم الوقائع قبل وقوعها، كما هي عادة الأئمة الأربعة، ومن يجري مجراهم حتى يوجب ذلك التعرض للحكم وإن لم تقع الواقعة.
سلمنا استحالته مطلقًا لكن جاز أن عمل به بعضهم دون الآخرين ثم أن التابعين اتفقوا على قول أولئك البعض الذين قالوا به، فإن منعوا مثل هذا في الإجماع فقد تقدم تقريره، وليس الواجب اتفاق كلهم على الحكم بمقتضى تلك الدلالة، فإن الدلالة الظنية لا يجب اتفاق كلهم على الحكم بمقتضى تلك الدلالة، فإن الدلالة الظنية لا يجب اتفاق الكل عليها.
وخامسها: المسألة التي أجمع التابعون عليها إن كان مجمعًا عليها للصحابة كانت الحجة في إجماع الصحابة لا في إجماعهم، وإن لم يكن كذلك فإما أن تكون مختلفًا فيها، أو لم ينقل عنهم فيها قول.
فإن كان الأول لم ينعقد إجماع التابعين على أحد ذينك القولين، لما تقدم من أنه لا ينعقد إجماع مع تقدم الخلاف، وإن كان الثاني وجب أيضًا [أن] لا ينعقد إجماعهم في تلك المسألة؛ لأنه يحتمل أن يكون لبعضهم فيها قول يخالف قول التابعين وإن لم ينقل إلينا، وشرط انعقاد الإجماع أن لا يتقدمه خلاف لما تقدم، وحينئذ لم ينعقد إجماعهم إذ الشك في الشرط يوجب الشك في المشروط.
وجوابه: أنا لا نسلم أنه لا ينعقد الإجماع مع تقدم الخلاف، وهذا لأنا بينا انعقاده وحجته.
سلمناه لكنه منقوض بإجماع الصحابة بعد موت بعضهم فإنه يحتمل أن