أنه يلزم من ثبوت العلة ثبوت حكمها، ومن نفيها نفيه، إذ الكلام حيث تكون العلة متحدة، ومعلوم أنهم لو قالوا ذلك لم يجز الفصل بينهما، فكذا عند حصول ما هو جار مجراه.

احتج المجوزون مطلقًا بوجوه:

أحدها: أنه لو لم يجز الفصل لوجب على من وافق الشافعي في مسألة الدليل يخص تلك المسألة، أن يوافقه في جميع المسائل؛ لأن المجموع المركب من بعض ما قاله وبعض ما قاله غيره قول لم يقل به واحد منهما لكنه باطل وفاقًا، إذ فيه حجر المجتهد عن النظر والاستدلال.

وجوابه: أنه أن عنى بقوله: لو لم يجز الفصل عدم جوازه في كل واحد من الصور سلمنا الملازمة، لكنه لا يحصل المقصود، إذ لا يلزم من انتفاء السلب الكلي تحقق الموجب الكلي.

وإن عنى به عدم جوازه في الجملة ولو في بعض الصور منعنا الملازمة؛ وهذا لأنا لا نمنع الفصل في كل الصور بل فيما اتحدت العلة فيه.

وثانيها: أجمعت الصحابة والتابعون على أن كل ما ليس مجمعًا عليه فإنه مساغ للاجتهاد، وما نحن فيه ليس مجمعًا عليه فيسوغ فيه الاجتهاد، فلا يمتنع الفصل إذا أدى إليه الاجتهاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015