يعلم أن المتكلم تكلم به مرة واحدة، فلا يعارض أيضا. لجواز أن يقال: إنها مرادة على وجه التجوز، اللهم إلا أن يفرض أن تلك القرينة تعين كل واحد من تلك المفهومات على سبيل الحقيقة إن أمكن ذلك، فحينئذ يثار إلى الترجيح إن قيل: بجريانه بين القاطعين، وإلا فلا.
وقول الإمام في التوفيق بينهما: أنه يمكن أن يكون اللفظ موضوعا للكل كما هو موضوع لكل واحد من تلك المفهومات] / (39/أ) بالاشتراك. غير سديد، لأن القرينة على هذا التقدير، يجب أن تكون معينة لكل تلك المفهومات، ولكل واحد منها- أيضا- حتى تكون معينة لكل مفهوماته، فإن تقدير أن تكون معينة لكل تلك المفهومات، من حيث إنه قل: لا لكل واحد منها، لا تكون معينة لكل مفهوماته، بل لبعضها، فإن كل تلك المفهومات أحد الأمور المسماة به، وحينئذ يتعذر الجمع بين الدليل المانع، وبين القرينة، لأنها تقتضي أن يكون اللفظ مستعملا في الكل، وفي كل واحد من تلك المفهومات والدليل المانع ينفيه.
وأما إن كانت القرينة ملغية، فإما أن تكون ملغية للبعض، أو للكل، فإن كان الأول: فالباقي بعد الإلغاء، وإن كان واحدا تعين الحمل عليه وارتفع الإجمال، وإن كان أكثر منه بقي اللفظ مجملا بين ما بقي كما كان مجملا بين الكل قبل الإلغاء. وإن كان الثاني: فحينئذ يتعذر حمله على شيء منها، ويجب حمله على مجازات تلك الحقائق الملغاة، كي لا يتعطل اللفظ، ثم تلك المجازات إما تكون متساوية، أو لا تكون وعلى التقديرين. فالحقائق الملغاة إما أن تكون بحال لو لم تكن دلالة القرينة. على إلغائها كان البعض أرجح من البعض، أو لا تكون كذلك. فهذه أقسام أربعة:-