اختلفوا في تعميمه، في جانب النفي مفردا كان أو جمعا: كقولك لا تعتدي، بقرء، أو بالإقراء. فالأكثرون منهم سووا بين النفي والإثبات وأنكروا العموم فيهما مفردا، وجمعا متمسكا بأن النفي لا يرفع إلا مقتضى الإثبات، فإذا لم يفد اللفظ في جانب الإثبات إلا مفهوما واحدا، فردا كان أو جمعا، وجب أن لا يفيد في جانب النفي إلا واحدا، نعم لو أريد به نفي المسمى حتى يكون معنى قولنا: لا تعتدي بقراء لا تعتد بما هو مسمى بالقرء، فحينئذ يعم، لأنه يفيد مسمى القرء الذي هو مشترك بين الطهر والحيض، فنفيه يستلزم نفيهما، لكن يصير اللفظ حينئذ متواطئا ويخرج عن أن يكون مشتركا.
ومنهم من قال: بالتعميم في طرفي النفي محتجا: بأن دخول حرف النفي على اللفظ اقتضى نفيه مطلقا، ونفيه مطلقا يستلزم نفي ما يطلق عليه وإلا لزم أن لا يكون منفيا مطلقا، ولذلك قيل: النكرة في سياق النفي تعم وحينئذ يلزم تعميمه، وعلى هذا النحو الحجاج من الجانبين في نفي الجمع، لكن نفي المفرد أقرب إلى التعميم من نفي الجميع قليلا، لأن انتفاء الجمع يجوز أن يكون لانتفاء فرد من أفراده وحينئذ لا يلزم تعميمه بالنسبة إلى جميع مفهوماته، ولهذا نفى الجمع المذكر من المتواطئ لا يقتضي عموم النفي وإن كان فرده يقتضي ذلك.