وقصد بذلك الجمع بين مذهبه من أن اتفاق أمة محمد - عليه السلام - ليس بحجة وبين ما تواتر من السلف من أنه لا يجوز مخالفة الإجماع.
والنزاع لفظي ولا مشاحة في الألفاظ.
وأما ما أورد عليه بأنه يلزم منه أن يكون قول الواحد إجماعًا وهو على خلاف اللغة والعرف.
فهو وارد أيضًا على من يقول بالإجماع بالمعنى المشهور؛ لأنه إذا لم يبق من المجتهدين إلا واحد فإنه يكون قوله حجة بطريق الإجماع عنده فما هو جوابه في هذه الصورة فهو جواب النظام.
ولئن قلت: إنه حجة بطريق الإجماع من حيث إنه لا يجوز ذهول مجموع الأمة عن الحق، لكن لا يطلق عليه اسم الإجماع.
قلت: وللنظام أن يقول مثله، بأن يقول: إنما يطلق الإجماع على القول الذي قامت حجته إذا كان قول الجماعة، فأما إذا كان قول الواحد فإنه لا يجوز مخالفته بطريق الإجماع، لكن لا أطلق عليه لفظ الإجماع.
فالأولى أن يقال في حده أنه: عبارة عن اتفاق جميع المجتهدين الموجودين في كل عصر من الأعصار من أمة محمد - عليه السلام - على أمر من الأمور.
وأطلقنا اتفاقهم، ليتناول الاتفاق في الاعتقاد، والقول، والفعل، والسكوت، والتقرير، المنزلين منزلة القول والفعل والاتفاق المركب منها.