وأما قول الصحابي: كان هذا الحكم ثم نسخ أو هذا الخبر منسوخ، أو هذا الخبر ينسخ هذا الحكم، فليس يعرف به النسخ، لأنه يجوز أن يكون قاله اجتهادًا فلا يثبت به النسخ في حق الكل.
وعن الكرخي: الفرق بين ما إذا قال هذا منسوخ، وبين ما إذا قال هذا منسوخ بهذا.
فأوجب قبول قوله في الأول دون الثاني، زعمًا منه أنه لولا ثبوت النسخ وظهوره ما أطلق النسخ إطلاقًا، بخلاف ما إذا عين الناسخ، فإنه يجوز أن يكون قاله اجتهادًا.
وهو ضعيف.
لأنا وإن سلمنا: أن ذلك يدل على الظهور، لكن بالنسبة إلى ظنه واجتهاده، لا بالنسبة إلى ما في نفس الأمر إذ ليس فيه دلالة على ذلك، وحينئذ لا يجب قبوله كما في الأول.
ولا بكون إحدى الآيتين مثبتة في المصحف بعد الأخرى، فإن قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر