القول بأن نسخ الركعتين نسخ للعبادة، فإن عند نسخ الوجوب لا يثبت القائل بنسخ الجواز بل يرد الأمر إلى ما كان قبل الإيجاب، وهذا ليس كذلك، بل يجب الإتيان بالركعتين الباقيتين وهو ظاهر غني عن التنبيه، وإنما نبهنا عليه لأن سياق دليلهما واحد فلا يظن أنه يلزم من القول بلزوم نسخ الجواز، القول بلزوم نسخ العبادة فيما نحن فيه.

ولقائل: أن يقول: إنا نسلم أن نسخ الركعتين لا يوجب نسخ الركعتين الباقيتين، لكن لم قلتم: إنه لا يوجب نسخ أصل العبادة، فإن نسخ أصل العبادة عندنا قد يكون بحيث لا يكون شيء منها مشروعًا، وقد يكون بحيث يبقى شيء منها مشروعًا، وإذا كان كذلك لا يكون بقاء وجوب الركعتين دليلاً على عدم نسخ أصل العبادة.

واحتجوا بوجهين: أحدهما: أن الشارع إذا أوجب أربع ركعات ثم نسخ منها وجوب ركعتين فقد نسخ وجوب أصل العبادة، ضرورة أن وجوب أربع ركعات لم يبق إذ ذاك، والركعتان اللتان حكم بوجوبهما بعد النسخ عبادة أخرى غير الأربع المفروضة أولاً، وليس أيضًا بعضًا من الأربع المفروضة أولاً، بدليل أنهما لو كانتا بعضًا منهما لكان من صلى الصبح أربعًا فقد أتى بالواجب وزيادة، كمن أمر بصوم النهار فصام النهار والليل، وبالإجماع ليس كذلك، فعلم أنهما ليس بعضًا من الأربع المفروضة أولاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015