فإن قلت: أليس أن قبول خبر الواحد في إيجاب التغريب يقتضي رفع كون الجلد وحده مجزئًا، وهو حكم من أحكامه، وروفع كونه كل الحد ورفع كون الإمام لا يفسق أو لا يأثم بتركه، ورفع كونه بحيث يجب الاقتصار عليه، ورفع كون غيره ليس بواجب، ورفع كون الفاء للجر في قوله تعالى: {فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}. إذ الجزاء: إما يكون كافيًا وكونه كافيًا يمنع من وجوب غيره.
قلت: لا نزاع في أنه رافع لما ذكرتم من الأحكام، لكنها أحكام عقلية وتابعة للحكم العقلي، فإن كون غيره ليس بواجب حكم عقلي لا يرتاب العاقل منه، وكونه وحده مجزئًا وكمال الحد، وكون الإمام لا يأثم بتركه وكونه بحيث يجب الاقتصار عليه فكلها أحكام تابعة للحكم العقلي، وإزالة الحكم العقلي ليس نسخًا، فيجوز قبول خبر الواحد فيه، كما يجوز قبوله وفاقًا في إثبات عبادة مستقلة مع أنه يزيل كون العبادات الواجبة قبلها كل الواجبات، وكون غيرها ليس بواجب، وكون المكلف ما كان يأثم بترك غيرها ولا كان يرد شهادته وروايته بترك "غيرها".
وأما كون "الفاء" للجزاء فممنوع وهذا لأنها حقيقة في التعقيب وفاقًا، فلو كانت حقيقة في الجزاء أيضًا لزم الاشتراك، وأنه خلاف الأصل، ولو استعمل فيه باعتبار التعقيب وهو الصحيح من حيث إن الجزاء يوجد عقيب الشرط لم يكن