يجوز أن يقع ما لا يكون جائزا عقلا، لكن مع ذلك يستدل على الجواز العقلي بدليل يخصه من جهة العقل، والشرع ليكون مدلولا عليه/ (352/ ب) بصريح الدلالة، فإن على الطريقة الأولى، إنما يكون مدلولا عليه بطريق الالتزام.

فنقول: لو لم يكن النسخ جائزا لكان ممتنعا، إذ لا قائل بوجوبه (و) لو قيل به لكان الغرض حاصلا، إذ كل واجب جائز بالمعنى العام، فامتناعه، إما لذاته وصورته، وإما لغيره.

والأول: باطل، لأنه لا يلزم من فرض وقوعه محال، لا بمعنى الرفع، ولا بمعنى انتهاء الحكم، أما بالمعني الثاني: فظاهر إذ لا إشكال عليه.

وأما بالمعني الأول: فلما تقرر من قبل من تحقيق معنى الرفع على الوجه المعقول.

وأما الثاني: فإما أن يكون لاستلزامه البداء وهو باطل لما بينا أنه لا يستلزمه، أو لأنه يستلزم أن يكون الشيء الواحد حسنًا وقبيحًا معا وهو محال.

وهو أيضا باطل، لأنا بينا أن ذلك جائز بالنسبة إلى الوقتين، وإن أكثر الأفعال كذلك، أو لأنه يستلزم الإخلال بحكمة فاعله من حيث إنه إن لم يكن أمره ونهيه لحكمه لزم العبث، وإن كان لحكمه وجب أن يحسن أحدهما دون الآخر، وهو أيضا باطل، لأنا لا نسلم وجوب تعليل أفعال الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015