ورابعها: أنه وإن لم يبينه بطريق آخر لكنه بينه بهذا المقيد بالصفة بطريق الأولى نحو قوله تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} فإنه إذا حرم قتل الأولاد عند خشية الإملاق، كان تحريمه عند عدم الخشية بطريق الأولى.
وخامسها: أنه وإن لم يبينه بهذا الطريق، لكنه أحال بيانه إلى الاجتهاد المكلف بطريق الإلحاق بالمقيد بالصفة من حيث العلة بأن يجتهد المكلف في ذلك ويرى أن لا مدخل للوصف في الحكم ويكون المقصود أن ينال المكلف ثواب الاجتهاد.
وسادسها: أنه وإن لم يبينه بهذا الطريق، لكنه أمكن أن يقال: إنه حصل بيانه بالعقل من حيث إنه لم يتعرض له بحكم شرعي ناقل، فإن حكم هذا في الشرع البقاء على حكم العقل.
وهذا يقع على وجهين:
أحدهما: أن يكون حكم المقيد بالصفة الثبوت فهنا ما انتفى عنه الصفة إنما يبقى على العدم الأصلي لكون حكمه غير مذكور من جهة الشارع لا صريحا ولا التزاما لا لأن مفهوم الثبوت في المقيد بالصفة دال على نقية الاتفاق هنا على العدم حاصل بين الفريقين، وإنما الاختلاف في الكيفية فعند القائلين بالمفهوم وعدم الحكم ثابت بالمفهوم وعند غيرهم بالعدم الأصلي.
وثانيهما: أن يكون حكم المقيد بالصفة النفي فهاهنا ما انتفى/ (326/أ) عنه الصفة يبقى على العدم الأصلي عند من لا يقول: بالمفهوم.
وأما عند القائلين به: فيختلف الحكم بحسب اختلاف الأوصاف، فإن كان الوصف مناسبا لثبوت الحكم كان المفهوم دالا على النفي بطريق الأولى، نحو قول القائل: لا تزكوا عن الغنم السائمة، فهاهنا المعلوفة لا تجب فيها الزكاة