وهو ضعيف لأن منهم من لم يجوز ذلك ومن جوزه فينبغي أن يكون عنده خلاف الأصل إذا هو على خلاف الغالب بالاستقراء، ولا نعني بكونه خلاف الأصل سوى هذا.
احتج من لم يقل بكون المفهوم حجه بوجوه:
أحدها: أنه لو كان دال على نفي الحكم عما عداه، فإنما أن يعرف ذلك بالعقل وهو باطل، إذ لا مجال للعقل في باب اللغات، أو بالنقل وهو إما متواتر، أو أحاد.
والأول: باطل وإلا لعرفه المخالف مع اشتراكهم خصومهم في أسبابه من سلامة الحاسة والعقل ومخالطة أهل اللغة والاقتباس منهم.
والثاني: تقدير صحته وسلامته عن المعارض غير كاف، لأنه لا يفيد إلا الظن، ولا يمكن إثبات مثل هذا الأصل الذي نزل عليه كلام الله وكلام رسوله المفيدين للتعيين بما يفيد الظن وقد عرفت ضعفه غير مرة.
وثانيها: أن المقيد بالصفة لو دل على انتفاء الحكم عما عداه لدل عليه، إما بلفظه أو بمعناه، والقسمان باطلان فبطل القول بدلالته عليه مطلقا.
أما الأول: فظاهر لأن قوله: "زكوا عن الغنم السائمة" غير موضوع لنفي الزكاة عن المعلوفة لا بطريق الاشتراك، ولا بطريق الانفراد، ولا هو موضوع لمفهوم يكون هذا المفهوم جزؤه حتى تكون دلالته على هذا المفهوم بطريق التضمن، فتكون دلالته لفظية على رأي إذا لو كان شيئا من هذا بيانا لم تكن المسألة مسألتنا، ولم يكن النزاع حاصلا فيه، بل كنا قائلين به وموافقين لخصومنا فيه.