وثانيها: أنه لو كان طريق ثبوته القياس، لوجب أن لا يعلم العاقل حرمة ضرب الوالدين من حرمة تأفيفهما إعظاما لهما عندما يمنعه الشارع عن القياس لكنه ليس كذلك وفاقا.

وأجيب عنهما: بأن القياس فيه يقيني والخلاف إنما هو في الظنى لا غير فلم يكن ذلك الخلاف قادحا فيه، والمنع إنما يتصور عن القياس الظنى دون اليقيني فلم يكن ذلك المنع مانعا من العلم به، ولو فرض الكلام في المنع عن القياس اليقيني فعند ذلك لا نسلم نفي اللازم، وهو وإن كان محالا لكن المنع عن القياس اليقيني أيضا محال، والمحال جاز أن يستلزم المحال.

وثالثها: إنما هو الأصل في القياس غير مندرج تحت الفرع، ولا هو جزء منه وفاقا، وما هو الأصل عند الخصم في هذا النوع من الاستدلال قد يكون جزءا لما هو الفرع عنده، وذلك في مثل: قوله تعالى:} فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره {.

فإن هذا يفيد أن ما زاد على الذرة أيضا: يره لو عمله والذرة جزء لما هو أكثر منها مندرجة تحته، ونظيره أيضا: قول القائل: فلان لا يملك حبه، ولا يشرب لفلان جرعة، ولا يأكل لقمة خبز، فإن كل هذا يفيد نفي ما فوقه.

وجوابه: أنا لا نسلم أن دلالة نفي الحبة لنفي ما فوقها من قبيل الفحوى، بل من قبيل الاقتضاء، ضرورة أن صدق نفي الحبة يتوقف على نفي ما فوقها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015