احتجا بوجهين:
أحدهما: أن التحليل والتحريم يستحيل أن يتعلقا بالأعيان، لأنهما حكمان شرعيان، والحكم الشرعي إنما يتعلق بما هو مقدور للعبد من أفعاله، والأعيان غير مقدورة له فيستحيل تعلقهما بها، وحينئذ يجب صرفهما عن ظاهرهما وتعليقهما بالأفعال المتعلقة بتلك الأعيان دفعا للتعطيل، فإما أن تعلقهما بجميع الأفعال المتعلقة بها وهو باطل، لأنه إضمار من غير حاجة أو يتبعض بمعين وهو أيضا باطل، لأنه ليس البعض أولى من البعض لعدم ما يدل عليه لفظا ومعنى أو ببعض غير معين، وهو أيضا باطل، لأنه خلاف الإجماع "أولا تعلقهما بشيء وهو أيضا باطل، لأنه تعطيل للنص وهو أيضا خلاف الإجماع" فلم يبق إلا لتوقف إلى أن يدل دليل على ذلك التعليق، وهو المطلوب.
وجوابه: أنا لا نسلم أن تعليقها بالأفعال المطلوبة من تلك الأعيان على وجه الإضمار، وهذا لأن اللفظ يدل عليه بطريق الحقيقة بعرف الاستعمال بدليل التبادر كما سبق في الاستدلال، وإذا كان كذلك/ (285/ ب) لم يكن هناك إضمار، فضلا عن أن يكون بغير حاجة.
سلمنا: أن تعليقهما بالأفعال المتعلقة بتلك الأعيان على وجه الإضمار، لكن لا نسلم إنه البعض أولى من البعض، بل الأفعال المطلوبة منها أولى بذلك للعرف.