فإن قلت: إنه حكاية وهي لا تفيد التعميم، فلعل ذلك التحريم كان "على" وجه يفيد تحريم جميع أنواع التصرفات المتعلقة بها، وذلك مما لا نزاع فيه وليس في الحديث ما يدل على أن ذلك التحريم كان مطلقا حتى حصل مقصودكم.
سلمنا: أنه كان مطلقا، لكن لا نسلم أنه لو لم يفد تحريم جميع أنواع التصرفات لما استحقوا اللعن، وهذا لأنه يجوز أنهم إنما استحقوا ذلك، لأنهم عملوا ذلك قبل الاستكشاف وطلب البيان وصادفوا ما هو المحرم عليهم من جملة تلك التصرفات، وكان الواجب عليهم أن لا يقدموا على شيء من التصرفات المتعلقة بها قبل الاستكشاف، فلما تركوا ذلك وصادفوا المحرم استحقوا اللعن.
قلت: الأصل والظاهر متطابقان في الدلالة على أنهم إنما استحقوا ما استحقوا بمجرد مخالفة تحريم الشحوم لا غير.
أما الأول: فلأن الأصل عدم ما يظن أنه مستفاد منه غير التحريم.
وأما الثاني: فلأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعليته فترتب اللعن على البيع وأكل الثمن بعد تحريم الشحوم، يدل على أن علته هي مخالفة تحريم الشحوم بالبيع وأكل ثمنها.
وعن الثاني: أنه لو كان ذلك لما ذكرتم، لكان الواجب التصريح بذلك علمنا أنه ليس لما ذكرتم.