والعلم، بدليل أنه يصح أن يقال: عرفه فما عرف، واعلم فما علم. ومن جعل البيان عبارة عن التعريف والإعلام، لم ينقل عنه أنه يشترط في لك حصول المعرفة للمعرف له، وكذلك ليس من شرط إخراج الشيء عن حيز الإشكال إلى حيز التجلي أن يكون ذلك حاصلا للسامعين لجواز أن يكون ذلك لمانع من جهتهم لا لإشكال في الشيء، ولهذا يصح أن يقال: "ظهر الحق" وتجلى "بحيث ليس فيه إشكال وإن أكثر الناس لا يعرفونه ولا يقال: بأن تحديده بذلك غير جامع لأن ما يدل على الحكم ابتداء من غير سابقه إشكال بيان، ولم يتصور فيه الإخراج عن حيز الإشكال إلى حيز التجلي لأنا نمنع أنه بيان على اصطلاحهم، فإن الذهن لم يتبادر عند سماعه إلا إلى بيان المجمل، أو ما فيه نوع من الإيهام، وكيف لا واختصاص البيان بما يزيل الإشكال على اصطلاحهم أظهر من اختصاصه بالدليل [القولي] والشيخ الغزالي المزيف لهذا الحد بما ذكرنا معترف بأن البيان في اصطلاح القوم مخصوص بالدليل القولي، وليس هو/ (283/ أ) عبارة عن مطلق الدليل عندهم، مع أن الفعل قد يكون بيانا للمجمل عندهم على ما ستعرف ذلك، والدليل العقلي أيضا قد يكون بيانا له فإن المشترك إذا استحال حمله على أحد مفهوميه لدليل عقلي، فإنه يتعين حمله على المعنى الآخر إذ ذاك، فبيانه هو ذلك الدليل العقلي.