وأما الثاني فالدليل عليه وجوه:
أحدها: أنه لا نزاع / (206/أ) في صحة استثناء كل واحد واحد من العقلاء من من الشرطية نحو [قول]: القائل: "من دخل داري فأكرمه إلا فلانًا [وإلا فلانًا] والإستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لدخل - على ما سيأتي تقريره لك إن شاء الله تعالى - وحينئذ يلزم أن كلمة "من" في معرض الشرط والجزاء للعموم، وهو المطلوب.
وثانيها: سقوط الاعتراض عمن جرى على موجب العموم، وتوجهه على من ترك دليل على أنها للعموم.
ألا ترى أن السيد إذا قال لعبده: من دخل هذا البيت فأعطه درهما، وأشار إلى بيت لا يتوهم فيه قرينة معنوية، نحو أن يكون البيت معظمًا يقتضي إكرام الداخل فيه، أو يكون البيت بيته، فإنه ريما يتوهم التعميم من قرينة إكرام الزائر، فإن العبد لو جرى على موجب التعميم، وأعطى كل واحد من المسلم والكافر لم يكن للسيد أن يعاتبه على ذلك، ولو عاتبه على ذلك أو قال لم أعطيت الكافر؟ فإني أردت به المسلم فللعبد أن يقول: وما أدراني بإرادتك، وإنك أمرتني بإعطاء الداخل والكافر داخل، وكان من حقك أن تضم إليه ما يدل على إرادتك حتى ما كنت أعطى كل داخل، فالعقلاء من أرباب اللسان يرون سقوط اعتراض السيد وبدون عذر العبد ممهدًا