واعترض عليه وقيل: إنه ضعيف جدًا، لأن الإجماع حاصل أيضًا على أن من غلب على ظنه كون الشيء مأمورًا به أو منهيًا عنه، وعزم على فعله أو تركه ناويًا فيه القربة فإنه يثاب عليه، وإن تبين أنه كاذب الظن، فالثواب إنما هو على نية فعل ما يتوهم أنه قربة وإن لم يكن قربة.
وهو ضعيف:
أما أولاً: فلأنا لا نسلم أنه ليس بمأمور في تلك الحالة بذلك الشيء، وهذا لأنه كونه مأمورًا فرع توجه الأمر نحوه عندنا، سواء كان متمكنًا منه أو لم يكن كذلك، ولما توجه الأمر إلى كل مكلف بإتباع ظنه فيما يتعلق بالتكاليف كان مأمورًا بذلك الذي غلب على ظنه أنه مأمور به في تلك الحالة مع أنه مثاب، فلا جرم يثاب على عزم فعله، ثم إذا ظهر أنه كاذب الظن زال ذلك الأمر، لأنه مشروط بغلبة الظن.
وأما ثانيًا: فلأنا وإن سلمنا: أنه بمأمور، لكن غايته أنه ليس بمأمور بالأمر الذي ظن أن ذلك الشيء مأمور به، بل بأمر آخر بعدما ظنه كذلك على ذلك العزم، لكن الثواب على عدم فعل ما هو مأمور به وقربه في نفسه غير الثواب على عدم فعل ما هو مأمور به، وقربه في الظن لا في نفس / (189/ب) الأمر قطعًا، وإذا كان كذلك فلا يلزم من كون استحقاق الثواب على عدم فعل ما هو مأمور به وقربه في نفس الأمر دليلاً على أنه مأمور قبل التمكن من الفعل وأن يكون الاستحقاق على عدم فعل ما هو مأمور به وقربه من الظن لا غير دليلاً أنه مأمور به لجواز أن يكون ذلك من