وعلى هذا تبنى صحة ورود الأمر من الآمر، إذا كان الأمر خاصًا.
فمن قال: إن المأمور يعلم كونه مأمورًا قبل التمكن جوز وروده.
ومن لم يقل به: لم يجوزه.
وأما إذا كان الآمر عالمًا ولم يعلم انقراض الجميع، بل بعضهم، فأظن أنه لا خلاف فيه إذ أكثر أوامر كتاب الله تعالى كذلك.
فإن بعض المكلفين يموت قبل التمكن.
وكلام بعضهم: يشعر بالخلاف فيه "أيضًا".
وعلى هذا الخلاف أيضًا: الأمر المقيد بالشرط الذي علم الآمر بأنه [لا يوجد]، كما إذا أمر الله تعالى: لزيد بالصوم إن قدم "لزيد" عمرو من السفر، وعلم أنه لا يقدم.
ولهذا زعمت المعتزلة: أن الشرط في أمره / (188/ب) تعالى محال، لأنه تعالى عالم بعواقب الأمور وما يكون منها وما لا يكون، فإن كان الشرط مما علمه أنه لا يكون لم يكن الأمر المعلق به أمرًا، بل هو جار مجرى قوله: صم غدًا إن صعدت السماء، وليس هو من الأمر في شيء إلا على رأي بعض من يجوز تكليف ما لا يطاق.
وإن كان مما علم أنه سيكون لم يكن الأمر مشروطًا به، بل هو كقوله: "قم إن كان الله موجودًا" أو اشمس مخلوقة، وليس هو من الأمر المشروط في شيء لأن الأمر المشروط هو الذي يكون على خطر الحصول واللاحصول لأن الشرط هو الذي يمكن أن يحصل ويمكن أن لا يحصل، ومعلوم أن هذا