عنده قبل القدرة، لأنه مأمور بالفعل قبل التلبس، ويلزم منه أن يكون مأمورًا قبل القدرة، إذ الاستطاعة مع الفعل لا قبله.
وإن قالوا: ذلك من عند أنفسهم، فيلزم أن يكونوا قد خالفوا الشيخ، فإن العبد عنده مأمور قبل القدرة، وقبل الفعل، ويلزم منه قطعًا أن يكون الفعل مأمورًا به أيضًا قبل حدوثه.
فعلى هذا كون الفعل مأمورًا به وقت حدوثه لا غير، إنما هو مذهب الأصحاب لا مذهب الشيخ، وهو موافق للنقل الثاني من وجه.
واستدلال الإمام على صحة ما نقل عن الأصحاب: بأنه لو امتنع كون المأمور مأمورًا - حال حدوث الفعل - لامتنع كونه مأمورًا مطلقًا، لأن في الزمان الأول لو أمر بالفعل، لكان الفعل، إما أن يكون ممكنًا في ذلك الزمان أو لا يكون.
فإن كان الأول: فقد صار مأمورًا بالفعل حال إمكان وقوعه.
وإن كان الثاني: كان مأمورا بما لا قدرة له / (186/ب) عليه، وذلك عند الخصم محال.
وفيه نظر:
أما أولاً: فلأن الدعوى عامة والدليل خاص، فإن ما ذكره لو دل فإنما يدل على صحة كونه مأمورًا حال الحدوث لا على امتناع كونه كذلك قبله، كما هو مذهب الخصم، ومعلوم أنه لا يلزم من صحة الأول، امتناع الثاني، ولا يمكن التمسك بالإجماع على عدم الفصل بينهما، فإنه قد ذهب إليه لا