وإنما قلنا: إن فعله مخلوق لله تعالى دونه فلوجوه:

منها: أنه لو كان خالقًا له.

فإما أن يكون خالقًا له بالذات والطبع، وهو باطل وفاقا.

أو يكون خالقًا له بالاختيار، وحينئذ يجب أن يكون عالمًا بتفاصيله، لأن الموجد للشيء بالاختيار لا يمكنه تخصيصه بالإيجاد دون غيره إلا بواسطة الشعور به والعلم بذلك ضروري / (169/ب)، ولأنه لو جاز صدور الفعل من الفاعل بالاختيار من علم به لتعذر الاستدلال على علم الله تعالى بأفعاله المحكمة المتقنة، وهو باطل وفاقا، لكنه غير عالم بها.

أما أولاً: فلأن النائم والساهي لا علم لهما بما يصدر منهما، ولا يلتفت على منع من منع ذلك بناء على الشعور بالعلم الشيء غير العلم بالشيء، فجاز أن يكون أصل العلم بالشيء الصادر منهما حاصلاً لهما، لكن الشعور بالعلم بالشيء غير حاصل لهما، لأن الشعور بالعلم بالشيء نفس ذلك العلم بالشيء، وإلا لزم حصول علوم لا نهاية لها دفعة واحدة للعبد، وهو محال.

وأما ثانيًا: فلأن الفاعل للحركة البطيئة فاعل للسكنات في بعض أحيانها بناء على أن البطء في الحركة يتخلل السكنات على ما هو رأي كثير منهم: مع أنه لم يعلم أنه سكن في بعض تلك الأحيان فضلاً عن أن يقال: إنه يعلم أخبار الحركة بأعيانها وأخبار السكون بأعيانها، بل ربما جزم أنه لم يسكن قط، وهذا ظاهر في الحركة السريعة التي للإنسان مع أنها بطيئة بالنسبة على حركة الشمس.

وأما ثالثًا: فلأن من حرك عضوًا من أعضائه، أو تحرك بنفسه إلى مسافة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015