الظاهر، قال في المحصول: لأن مخالفة الظاهر هي إثبات ما يدفعه اللفظ أو دفع ما يثبته اللفظ, فأما إثبات ما لا يتعرض له اللفظ لا بنفي ولا بإثبات فليس خلاف الظاهر، إذا علم ذلك فالمقدمة لم يتعرض لها اللفظ بنفي ولا إثبات, فإيجابها بدليل منفصل ليس خلاف الظاهر بخلاف تخصيص الوجوب بحالة وجود الشرط دون حالة عدمه, فإنه يخالف ما يقتضيه اللفظ من وجوب الفعل على كل حال.
قال: "تنبيه: مقدمة الواجب إما أن يتوقف عليها وجوده شرعا كالوضوء للصلاة, أو عقلا كالمشي للحج, أو العلم به كالإتيان بالخمس إذا ترك واحدة ونسي, وستر شيء من الركبة لستر الفخذ" أقول: اعلم أن الإمام جعل هذا فرعا، وجعله المصنف تنبيها، وجعله صاحب الحاصل تقسيما، ولكل واحد وجه, أما التقسيم فلأن مدلوله إظهار الشيء الواحد على وجوه مختلفة, ووجوده هنا واضح, وأما التنبيه فالمراد منه ما نبه عليه المذكور قبله بطريق الإجمال وهنا كذلك؛ لأن توقف الشيء على مقدمته أعم من كونه يتوقف عليها من جهة الوجود أو من جهة العلم بالوجود, إما شرعا أو عقلا، فلما لم يكن هذا منصوصا عليه بخصوصه، وخيف أن يغفل عنه الظاهر قيل: تفطن وتنبه لذلك، وأما الفرع المراد منه أن يكون مندرجا تحت أصل كلي وهو حاصل ههنا؛ لأن كل واحد من هذه الأقسام المستفادة من هذا التقسيم قد اندرج تحت الأصل السابق، وحاصل ما قاله المصنف أن مقدمة الواجب قسمان, أحدهما: أن يتوقف عليها وجوب الواجب, إما من جهة الشرع كالوضوء للصلاة إذ العقل لا مدخل له في ذلك، وإما من جهة العقل كالمشي للحج، هكذا ذكره المصنف والصواب للتعبير بالسير أو بقطع المسافة كما قاله في المحصول لا بالمشي، والقسم الثاني: أن يتوقف عليها العلم بوجود الواجب لا نفس وجوب الواجب, وذلك كمن ترك الصلاة من الخمس ونسي عينها, فإنه يلزمه أن يصلي الخمس لأن العلم بالإتيان بالمتروك لا يحصل إلا بعد الإتيان بالخمس، فالأربعة مقدمة للواجب لكن هذه المقدمة لا يتوقف عليها وجود الواجب بل العلم به كما قدمناه؛ لأنه قد يصادف أن يكون المفعول أولا هو الواجب، ومن ذلك أيضا وجوب ستر شيء من الركبة لتحقق ستر الفخذ, وإنما أتى المصنف بهذين المثالين لما أشار إليه في المحصول, وهو أن الأول قد كان الواجب فيه متميزا عن المقدمة، ولكن طرأ عليه الإبهام، والثاني لم يتميز الواجب عن المقدمة أصلا لأجل ما بينهما من التقارب, ولك أن تفرق أيضا بأن الواجب في الأول ملتبس بالمقدمة وأما الثاني فلا, غير أنه لا يمكن عادة إلا بفعله.
قال: "فروع: الأول: لو اشتبهت المنكوحة بالأجنبية حرمتا على معنى أنه يجب عليه الكف عنهما، الثاني: لو قال: إحداكما طالق حرمتا تغليبا للحرمة, والله تعالى يعلم أنه سيعين إحداهما لكن لما لم يعين لم تتعين، الثالث: الزائد على ما ينطلق عليه الاسم من المسح غير واجب, وإلا لم يجز تركه" أقول: جعل المصنف هذه الثلاثة فروعا للأصل