كدوران الحرمة مع الإسكار في ماء العنب وجودا وعدما، وقد يكون في محلين كاستدلال الحنفي على وجوب الزكاة في الحلي بدوران وجوب الزكاة مع الذهب وجودا في المضروب وعدما في النبات، فالدوران في محل أرجح في العلية من الدوران في محلين؛ لأن احتمال الخطأ فيه أقل، ألا ترى أنا نقطع في مثالنا بأن ما عدا السكر من الصفات ليس بعلة إلا لزم تخلف المعلول عن علته، بخلاف ما ثبت في محلين؛ فإنه لا يفيد القطع بأن غير الذهب ليس علة للوجوب، لاحتمال أن تكون العلة فيه هو المجموع المركب من كونه ذهبا وكونه غير معدّ للاستعمال. الخامس: يرجح القياس الذي ثبتت علية وصفه بالسبر، على الذي ثبتت عليته بالشبه وغيره مما بقي كالإيماء والطرد؛ لأن منه ما هو علة اتفاقا في العقليات والشرعيات، وهو السبر الحاصل بخلاف البواقي, فإن فيها خلافا مشهورا، ومنهم من رجحه على المناسبة أيضا، واختاره الآمدي وابن الحاجب لأنه يفيد ظن علية الوصف، ونفي المعارض له بخلاف المناسبة، فإنه دلالة لها على نفي المعارض. قال في المحصول: وهذا إذا كان السبر مظنونا، فإن كان مقطوعا به فإن العمل به متعين, وليس هو من قبيل الترجيح. السادس: يرجح القياس الذي ثبتت علية وصفه بالشبه على الذي ثبتت عليته بالإيماء؛ لأن الشبه يقتضي وصفا مناسبا، والإيماء ليس كذلك؛ لأن ترتيب الحكم يشعر بالعلية سواء كان مناسبا أم لا، وبالضرورة أن الوصف المناسب أولى من غيره، وهذا الذي جزم به المصنف من كون الإيماء مؤخرا عما قبله، وذكره الإمام بحثا بعد أن نقل أن الجمهور اتفقوا على تقديم الإيماء على جميع الطرق العقلية حتى المناسب. السابع: يرجح القياس الذي ثبتت علية وصفه بالإيماء على الذي ثبتت عليته بالطرد؛ لأن الطرد غير مناسب أصلا كما عرف في موضعه، وأما الإيماء فقد يكون مناسبا، وما كان مناسبا في بعض الأحوال راجح على ما يكون كذلك. الثامن: يرجح القياس الذي ثبتت علية وصفه بالطرد على ما بقي من الطرق الدالة على العلية، ولم يبين المصنف ذلك، والذي بقي هو تنقيح المناط، وفي تأخره عن الطرد نظر، ولم يصرح الإمام وابن الحاجب وغيرهما بالترجيح بين الدوران والسبر والشبه، وإنما ذكره صاحب الحاصل على الوجه الذي ذكره المصنف, فتابعه عليه لكونه قد يؤخذ بعضها من تعليل الإمام. قال: "الثالث: بحسب دليل الحكم, فيرجع النص ثم الإجماع؛ لأنه فرعه. الرابع: بحسب كيفية الحكم وقد سبق. الخامس: موافقة الأصول في العلة والحكم والاطراد في الفروع". أقول: الوجه الثالث: الترجيح بحسب دليل حكم الأصل، فيرجح من القياسين المتعارضين ما ترجح دليل حكم أصله على دليل حكم الأصل الآخر بأحد المرجحات المذكورة في الباب قبله، أو بغيره من المرجحات ككونه مجمعا عليه، أو خاصا، أو غير ذلك، وهذا إنما يمكن في الدلالة الظنية لما علمت أنه لا ترجيح بين القطعيات ولا بين القطعي والظني، ثم إن كانت تلك الأدلة الظنية من باب الآحاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015